علاج شلل العصب الوجهي: دليل شامل للطرق العلاجية المتاحة
يُعد شلل العصب الوجهي حالة تؤثر على حركة الوجه وتعبيره، وتختلف طرق علاجه بشكل كبير بناءً على عدة عوامل، أهمها سبب الإصابة، ومدة الإصابة، وعمر المريض، وحالته الصحية العامة. من الضروري التأكيد أن المعلومات الواردة هنا هي مجرد نبذة، ولا يمكن تحديد خطة علاجية إلا بعد استشارة طبيب مختص وخبير في علاج حالات شلل العصب الوجهي.
العلاج الدوائي
يُستخدم العلاج الدوائي بشكل رئيسي في الحالات المبكرة جدًا، عندما لا يكون سبب الشلل إصابة مباشرة في العصب أو ورم. يعتمد نوع الدواء على المرض المؤثر على العصب، ولكنه غالبًا ما يتضمن قطرات ومراهم لحماية العين من الجفاف والالتهابات، وذلك لحين استعادة العصب وظيفته.
العلاج الجراحي
يوجد العديد من الإجراءات الجراحية المتاحة لعلاج شلل العصب الوجهي، ويجب أن يختار الطبيب المتخصص الإجراء الأنسب لكل مريض. يعتمد اختيار الجراحة بشكل كبير على المدة الزمنية التي مرت منذ بداية شلل الوجه. فكلما طالت المدة، زادت احتمالية تضرر العضلات وعدم قدرتها على الاستجابة حتى لو تم إعادة توصيل العصب إليها.
الحالات المبكرة (خلال عام من الإصابة)
في الحالات المبكرة، يسعى الجراح إلى إعادة توصيل العصب الوجهي المصاب باستخدام طرف العصب نفسه إن أمكن. إذا لم يكن ذلك متاحًا، كما في حالات استئصال العصب بالكامل أو أورام المخ، يبحث الجراح عن مصدر آخر للإمداد العصبي. في الماضي، كان العصب الوجهي السليم من الجهة الأخرى للوجه يُستخدم كمصدر، ولكن ثبت أن فعاليته محدودة في تحريك الوجه بشكل كافٍ. حاليًا، يُعد العصب الثاني عشر (العصب تحت اللساني) من أشهر مصادر الإمداد العصبي المستخدمة، حيث يقوم الجراح بتوصيل العصب الثاني عشر بالعصب السابع (العصب الوجهي) ليكون هو مصدر الإمداد العصبي لعضلات الوجه.
الحالات المتأخرة (بعد مرور أكثر من عام على الإصابة)
بعد مرور عام، تقل احتمالية استجابة عضلات الوجه الأصلية لإعادة توصيل العصب. في هذه الحالات، يبحث الجراح عن حلول أخرى، ويضع خطة علاجية لكل جزء من الوجه على حدة:
العين
العصب الوجهي مسؤول عن إغلاق الجفون، وبالتالي فإن تضرره يؤدي إلى جفاف العين والتهابات متكررة، وقد يصل الأمر إلى ثقب في القرنية والعمى الدائم. بالإضافة إلى ذلك، يحدث تهدل في الجفن السفلي وتغير في مظهر العين.
- علاج الجفن العلوي: أشهر الطرق لعلاج الجفن العلوي هي زرع شريحة ذهبية به. تُستخدم الذهب لكثافته العالية التي تسمح بوضع الوزن المناسب في مساحة صغيرة، وللونه المناسب الذي لا يظهر تحت الجلد، ولقدرة الجسم على تقبله بسهولة. توجد إجراءات أخرى مثل زرع العضلة من جانب الرأس، لكن زرع الشريحة الذهبية يظل الأفضل والأسرع والأقل آثارًا جانبية.
- علاج الجفن السفلي: توجد عدة إجراءات لإصلاح الجفن السفلي وشد ترهله، مثل تقصير الجفن السفلي ورفعه وتعليقه بالعظم الخارجي لمحجر العين.
الفم
تُعد الابتسامة من أكثر ما يؤرق مرضى شلل العصب الوجهي، وتعيق قدرتهم على التواصل. شهد علاج الشفاه في حالات شلل العصب السابع تطورًا كبيرًا عبر الزمن:
- نبذة تاريخية: في الماضي، كانت المحاولات تقتصر على زرع أغشية أو خيوط بين جانب الشفة وجانب الرأس لمنع الشد نحو الجانب السليم من الوجه، ولكن النتائج لم تكن مرضية. ثم تطور الأمر إلى زرع عضلات لتحريك الفم، مثل نقل عضلات المضغ لجعلها مسؤولة عن الابتسامة. ورغم سهولة هذا الإجراء، فإنه لم يحقق النتائج المرجوة، حيث كان المريض يحتاج للضغط على أسنانه للابتسام، وكانت تحدث حركات ابتسام غير طبيعية أثناء المضغ، كما أن الابتسامة لم تكن طبيعية بأي حال من الأحوال.
- أحدث ما وصل إليه العلم: يُعد نقل عضلة من جزء آخر من الجسم إلى الوجه هو أحدث ما توصل إليه العلم في إعادة الابتسامة بعد شلل العصب السابع. يتطلب هذا الإجراء جراحًا ذا خبرة كبيرة في جراحة العصب السابع والجراحة الميكروسكوبية. يقوم الجراح بنقل جزء من عضلة مصحوبًا بالأعصاب والأوعية الدموية المغذية، ثم يوصله بالوجه، ويقوم بتوصيل الأوعية الدموية بأخرى في الوجه لتغذيتها، ويوصل عصب العضلة بأحد الأعصاب الموجودة بجوار الوجه. بعد حوالي 4 إلى 6 أشهر، تبدأ العضلة في الحركة، ومن خلال تمارين معينة، تصبح الحركة أقرب ما تكون إلى الطبيعية.
يُعد الدكتور طارق عامر من المتخصصين الذين لديهم أبحاث طبية منشورة في كبرى المجلات العلمية الأمريكية والأوروبية فيما يتعلق بإعادة الابتسامة إلى الوجه عن طريق الجراحة الميكروسكوبية.